تكتنف بيئات الأعمال في عالمنا المعاصر تغيرات سريعة وتطورات مستمرة نشهدها جميعًا. وتتولد من هذه المعضلة احتمالات لنشوء حالات من عدم اليقين والتي تلقي بظلالها على كيانات الأعمال في جميع الجوانب، المالية منها أو التشغيلية أو تلك المتعلقة بالسمعة السوقية. وحتى ننجح في مواجهة حالات عدم اليقين، ينبغي لكيانات الأعمال أن تكون على دراية بالدور الجوهري الذي تؤديه خدمات إدارة المخاطر في ضمان استدامتها واستقرارها.
إن تحديد مواطن الضعف والتهديدات وحالات عدم اليقين ما هو إلا غيض من فيض للدور المحوري لإدارة المخاطر في الوقوف على مثل هذه الأمور واستعراض الإجراءات الفورية التي يمكن اتخاذها في هذا الصدد. تلك الأمور قد تنشأ نتيجة أسباب عديدة مثل الأخطاء الداخلية أو سوء التصرف من الموارد البشرية أو عوامل أخرى خارجية.
إن إدارة المخاطر هي ضمانة كيانات الأعمال لمواصلة تبني البروتوكولات الصحيحة لتقييم التهديدات وحالات عدم اليقين التي قد تؤثر سلبًا على مسيرة نجاحها، وهذا يتضمن قياس تأثيرات كل نوع من أنواع المخاطر وتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها.
ثمة جوانب عديدة ينبغي النظر إليها بعين الاعتبار عند إدارة المخاطر. ومع ذلك، فإننا نستعرض أدناه العناصر الأساسية التي تتحقق من تقييمات إدارة المخاطر والتي ينبغي لكيانات الأعمال الاستفادة منها.
-
اتخاذ القرارات الاستراتيجية
إدارة المخاطر لها تأثير جوهري في عملية اتخاذ القرار الاستراتيجي، إذ إنها تحدد أسلوب التعاطي مع حالات عدم اليقين، وذلك من خلال إطار شامل يتضمن تحديد المخاطر وتقييم تأثيرها واحتمالية حدوثها وتحديد أولوية الأهداف ووضع استراتيجيات التخفيف اللازمة لها. وبمجرد تحديد تلك النقاط وإعلانها، فإنها تعتبر نقطة البداية للتعامل مع المخاطر المحددة.
-
حماية العلامة التجارية
في ظل التطور الرقمي في بيئة الأعمال، تبقى سمعة الشركات هي الأصل الأغلى قيمة دون شك. فإذا ما تعرض الكيان إلى حدث سلبي واحد، مثل اختراق للأمن السيبراني أو حدوث فضيحة مالية، فإن ذلك يعرضه لعواقب وخيمة تؤثر سلبًا وبشدة على العلامة التجارية وتقوض ثقة أصحاب المصلحة.
ومن هنا يبرز دور دراسات إدارة المخاطر في حماية سمعة الشركات من خلال تحديد المخاطر المحتملة ووضع حلول للسيطرة عليها. علاوة على ذلك، قد تلجأ بعض كيانات الأعمال إلى استخدام أساليب مختلفة في السيطرة على المخاطر الرئيسية ولتعزيز حقوق الملكية المتعلقة بعلامتها التجارية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر التخطيط لإدارة الأزمات واستراتيجيات التواصل.
-
تعزيز الالتزام الرقابي
ثمة قوانين وتشريعات ومتطلبات التزام رقابي صارمة ينبغي لكيانات الأعمال الالتزام بها وذلك حسب البيئة التشريعية التي تزاول فيها نشاطها التجاري. وتولي الجهات الرقابية اهتمامًا بالغًا بمدى التزام كيانات الأعمال بتلك التشريعات واللوائح ولا تتهاون في فرض غرامات مالية وعقوبات تجارية على الكيانات التي تحيد عن الوفاء بهذه المتطلبات. ولذلك، فإن خدمات تقييم المخاطر تساعد هذه الكيانات في تحقيق الالتزام الدائم بالقوانين واللوائح المعمول بها والإدارة السليمة للمخاطر ذات الصلة من خلال الرصد المستمر والتعامل مع مخاطر الالتزام في الوقت المناسب.
-
تحسين ترشيد التكاليف
يمكن لتقرير إدارة المخاطر المساهمة بشكل فعال في ترشيد التكاليف داخل كيانات الأعمال من خلال تحديد أوجه القصور في العمليات التشغيلية واتخاذ التدابير الاستباقية للتعامل معها. هذا من شأنه أن يعود على هذه الكيانات بفوائد عديدة مثل تحسين معدل الربحية والتغلب على التحديات المحتملة.
بناءً على ذلك، فإن إكمال أي تقييم ناجح لإدارة المخاطر يستلزم توفر مجموعة من المهارات الفريدة حتى يتسنى لكيان الأعمال وضع تصور للتدابير الاحترازية الضرورية في تحديد أي نوع من المخاطر، وهذا المهارات هي:
- مهـــارات التـــحــليــل: واحدة من المهارات الضرورية في اتخاذ قرارات سليمة مبنية على نتائج مستخلصة.
- مهارات حل المشكلات: تتطلب بعض المخاطر اتخاذ العديد من الإجراءات بدلاً من مجرد تجاهلها.
- إدارة فـــــرق العمــــل: إدارة المخاطر هو عمل جماعي يتطلب مهارات تواصل متميزة وتفاعلات مستمرة بين أعضاء الفريق.
- مهارات بنـاء العلاقات: عند التعامل مع المخاطر، قد نحتاج إلى التواصل مع غير أعضاء فريق العمل مثل التنفيذيين في الإدارة العليا، ومن ثم فإن بناء العلاقات معهم وإمكانية الوصول إليهم تكون هي مفتاح النجاح.
- المعــرفـــــة الماليــــة: إن تخصيص التكاليف الناتجة عن المخاطر المحددة وتحويلها إلى مخاطر مالية شاملة على كيان الأعمال يجب تنفيذه بدقة.
- المعرفة باللوائح والتشريعات: اللوائح والتشريعات دائمة التغير، لذلك ينبغي أن نبقى دومًا على دراية بآخر التحديثات التي تطرأ عليها.
- فهـــم بيئـــة الأعمال: في سبيل تحقيق الفهم الدقيق لطبيعة المخاطر المحددة، فإن المعرفة بمجال العمل تُعد أمرًا شديد الأهمية.
- القدرة على احتساب المخاطر: هذا يعتمد على تصنيف المخاطر وتحديد درجة تأثيرها.
وخلاصة القول، إن الخدمات الاستشارية لإدارة المخاطر تساعد كيانات الأعمال في العمل بسلاسة وفعالية من خلال التفاعل مع مختلف أنواع المخاطر وضمان التحديد السليم لها وتقييمها وتخفيف أثرها. هذا من شأنه أن ينعكس في نهاية المطاف على تحقيق هذه الكيانات لنتائج إيجابية وزيادة قدرتها التنافسية. إن من حسن الإدارة أن تتسلح الكيانات بالخبرات والمعارف في مواجهة تحديات المخاطر بما يضمن تحقيق طيب الثمار