الاستقرار الاقتصادي للدول مرهون بالسياسة المالية والسياسة النقدية السليمة

الاستقرار الاقتصادي للدول مرهون بالسياسة المالية والسياسة النقدية السليمة

السياسة المالية والسياسة النقدية من الموضوعات الهامة التى ينبغى على الشخص العادي معرفتها وفهم مدلولاتها وتأثيراتها وأهدافها، لأن هذه السياسات بشكل عام تنعكس على مفردات حياة الفرد اليومية سواء بشعوره بزيادة الأسعار أو صعوبة حصوله على قرض أو فرض ضرائب جديدة .. الخ.

ان استخدام الدولة للسياسات المالية والنقدية يهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، والذي يعني تحقيق معدل مرتفع من النمو الاقتصادي في ظل استقرار الأسعار والتوظيف الكامل للموارد والنفقات.

السياسة المالية Fiscal Policy

تعرف السياسة المالية على أنها الاستخدام أو التنظيم الذي تستخدمه الدولة، ممثلة في وزارة المالية، في توجيه برامجها الاقتصادية، وتتمثل أدوات السياسة المالية في كل من الإنفاق الحكومي والضرائب.

وتتمثل السياسة المالية الملائمة لعلاج التضخم الناتج عن زيادة الطلب في زيادة الضرائب أو تخفيض الإنفاق الحكومي أو كليهما ..!!

وقد تؤدي زيادة الضرائب إلى تخفيض القوة الشرائية للأفراد، مما يؤدي إلى تخفيض الإنفاق الاستهلاكي، الذي يعد أحد مكونات الإنفاق الكلي، وبالتالي يؤدي تخفيض الإنفاق الاستهلاكي إلى تقليل الإنفاق الكلي، مما يعمل على التخلص من التضخم فى كثير من الحالات ولو بدرجات متفاوتة.

كما يؤدي تخفيض الإنفاق الحكومي إلى انخفاض الإنفاق الكلي، مما يؤدي إلى تقليص الفجوة التضخمية.

تتمثل السياسة المالية الملائمة لعلاج الانكماش ( الطلب الكلي أقل من العرض الكلي) في تخفيض الضرائب أو زيادة الإنفاق الحكومي أو اتباع كلا الأمرين بدرجات متفاوتة .

ويعد تأثير الإنفاق الحكومي على الدخل أكبر من تأثير الضرائب على الدخل وهذا سبب التركيز عليه من قبل الدول الخليجية فى الآونة الاخيرة ..!!

كما يؤدي تخفيض الضرائب إلى زيادة القوة الشرائية للأفراد، مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي، وبالتالي زيادة الإنفاق الكلي، والتخلص من الانكماش في نهاية المطاف.

تؤدي زيادة الإنفاق الحكومي إلى زيادة الإنفاق الكلي مما يؤدي إلى تقليص الفجوة الانكماشية.

السياسة النقدية Monetary Policy

السياسة النقدية هي مجموعة الأعمال والتدابير التي يقوم بها البنك المركزي من خلال التأثير على توافر النقد وتكلفته لتحقيق أهداف السياسة الاقتصادية.

ويتم التأثير على عرض النقد باستخدام سياسة السوق المفتوح، والتى تتمثل في بيع أو شراء السندات بغرض تخفيض أو زيادة عرض النقد.

فإذا هدفت الدولة إلى زيادة كمية النقد تقوم بشراء السندات من الأفراد، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السندات. كما أن شراء السندات من الأفراد سيؤدي إلى زيادة الودائع المصرفية وبالتالي يزيد حجم الإقراض لرجال الأعمال عند سعر فائدة منخفض وذلك بسبب زيادة حجم السيولة لدى البنوك التجارية.

أما إذا هدفت الدولة إلى تخفيض كمية النقد فتقوم ببيع السندات إلى الأفراد، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السندات. كما أن بيع السندات إلى الأفراد سيؤدي إلى انخفاض الودائع البنكية وبالتالي يرتفع سعر الفائدة ويقل حجم الإقراض.

وكثيراً ما يتم استخدام هذه السياسة في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة نظراً لتطور الأسواق المالية فيها بدرجة كبيرة والذي يعد شرطاً ضرورياً لتطبيق سياسة السوق المفتوح – حجم التداول اليومى فى بورصة وول ستريت حوالى 25 مليار دولار ..!! –

ومن أهم السياسات النقدية “سياسة نسبة الاحتياطي القانوني”، حيث تعد هذه السياسة واسعة الانتشار في الدول النامية نظراً لغياب أو لضعف الأسواق المالية المتطورة .!!

فإذا هدفت الدولة إلى زيادة عرض النقد تقوم بتخفيض نسبة الاحتياطي القانوني، مما يؤدي إلى زيادة قدرة البنوك التجارية على تقديم القروض. أما إذا هدفت الدولة إلى تخفيض عرض النقد فتقوم بزيادة نسبة الاحتياطي القانوني مما يؤدي إلى تقييد قدرة البنوك التجارية على تقديم القروض.

ولعلاج الركود الاقتصادي، تقوم الدولة بتطبيق سياسة نقدية توسعية، بحيث تزيد عرض النقد الذي يؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة، مما يؤدي إلى زيادة الاستثمار وبالتالي زيادة الطلب الكلي.

ولعلاج التضخم تقوم الدولة بتطبيق سياسة نقدية انكماشية، بحيث تؤدى الى خفض عرض النقد، والذي يؤدي إلى ارتفاع سعر الفائدة، مما يستتبع انخفاض الاستثمار وبالتالي انخفاض الطلب الكلي.

ايهما اولى بالاتباع السياسة المالية ام السياسة النقدية؟

ان معظم الدول تستخدم كلا السياستين في نفس الوقت لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحقيق الأهداف الاقتصادية المطلوبة وان كان تأثير السياسات المالية يظهر على المدى الطويل، بينما السياسات النقدية يكون تأثيرها أسرع نتيجة وعلى المدى القصير بصورة أكبر.

ويتوقف اتباع السياسات المالية التوسعية أو الانكماشية طبقا لحالة الاقتصاد وهل الدولة تعانى حالة ركود ام حالة تضخم ..؟!!

فإذا كان الاقتصاد يعاني من حالة ركود فيتم إتباع سياسات مالية توسعية بحيث تقوم الدولة بزيادة الإنفاق الحكومي أو تخفيض الضرائب، مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق الكلي. كما يتم في نفس الوقت تطبيق سياسة نقدية توسعية، والتي تؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة مما يؤدي إلى زيادة الاستثمار وارتفاع الطلب الكلي ..!!

أما إذا كان الاقتصاد يعاني من حالة تضخم فيتم إتباع سياسة مالية انكماشية، بحيث تقوم الدولة بتخفيض الإنفاق الحكومي أو زيادة الضرائب مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الكلي كما يتم في نفس الوقت تطبيق سياسة نقدية انكماشية، والتي تؤدي إلى زيادة سعر الفائدة مما يؤدي إلى انخفاض الاستثمار وانخفاض الطلب الكلي..!!

يمكنك مشاركة المقال مع أخرين من خلال قنوات التواصل التالية:

عن المؤلف

فريق تحرير بيكر تلي

يضم فريق تحرير بيكر تيلي الكويت خبراء ومحللين ماليين ذوي خبرة وافرة وشهادات مهنية متخصصة معتمدة مثل CIA وCIPA وCPA. يتمتع أعضاء فريقنا بسنوات من الخبرة في الأعمال المالية، مقدمين تحليلات وتوجيهات متخصصة حول مواضيع مالية متنوعة. مع التزامنا بالدقة والاحترافية، نسعى لتزويد قرائنا بمحتوى عالي الجودة يمكنهم من الاستفادة والتنقل في عالم المال بثقة ووضوح.

اتصل بخبرائنا